المحاولة هي الثابت الوحيد فيني مذ عرفت نفسي، ولتكن حجّتي الوحيدة الأكيدة أمام الخالق والخلق، أنّي حاولت. والله ماسلمت نفسي لتيه، ولا تخليت عن رغبتي في الفهم، ولاتقاعست عن فعل مايخفف من حدّة الوجود، ولا توانيت عن تلطيف القسوة في نفسي، وفي من حولي.
تغيرت نظرتي لحياة الطفولة بشكل جذري، بعد مادرست علم النفس، فكرة أن الطفولة مرحلة بسيطة؛ الطفل يلعب، يستمتع، ويعيش اللحظة فقط، فكرة ملغمة بالأخطاء، الطفل يتألم أيضاً، يفكر، ويفهم. إلا أنّ قدرته على إيصال مايحدث داخله محدودة، أو ربما قدرتنا على الوصول إلى دواخلهم محدودة.
فكرت وأنا أشاهد هذا الفيديو بأن الحب الترحيبي الغامر اللامشروط الذي يتجسد بوضوح في خطاب هذه الأم لطفلها، مرهونٌ بقدرتها على تمثل هذا الحب واقعاً، وهو الأهم من النطق به.
من دلائل قوة الشخص ونضجه، قدرته على أن يبدو ضعيفاً حين يكون كذلك، دون أن يشعر بالعار من ضعفه، وأن يطلب المساعدة حين يحتاج إليها، وهو مؤمنٌ باستحقاقه لها.التصالح مع فكرة أنك إنسان معرّض دائماً للحظات كهذه، يسند صحتك النفسية ويقويها.
العلاقات الإنسانية -حتى أعمقها وأوثقها- تتضمن نسبة من الأذى، إما أن يحدث جهلاً أو عمداً. ومن الخطأ أن يرى المرء نفسه بمنتهى النقاوة في علاقاته، مثل هذا وإن كان خيّراً بنواياه إلا أنّه مؤذٍ بجهله، من لايتتبع أثر زلاته وأخطائه على نفس الآخر، يصبح مع مرور الوقت مؤذياً بشكلٍ لايطاق.
لما تعيش فترة طويلة في بيئة غير ناضجة عاطفياً، فأنت شبه مغيّب عن العالم. تواصل واحد عميق مع شخص ناضج عاطفياً، رح يكشف لك عوالم خفيّة بداخلك ماكنت تعرف بوجودها. حتى العالم الخارجي رح يتجلى لك بوضوح أكبر. التواصل الفقير عاطفياً يحد من تجربتنا في الحياة، ويقلص العالم بأعيننا.
أحب أشوف الناس تحب، فيه ناس يأسرني حبهم الاستثنائي لعائلاتهم، أو أصدقائهم. حتى الناس اللي تحب العلم أو الفلسفة أو الفن، يعجبني اندماجهم في ما يحبون. يا الله! حتى وأنت تشوف أحد يحب من بعيد تشعر بجمال الحياة. ومن يقدر يلوي ذراع البؤس مثل الحب!
لهذا تبدو آلام الطفولة للبعض وكأنها حدثت للتو. حين نتذكر هذه الأحداث والمشاعر، ونضعها في كلمات كأنما تولد من جديد. لذلك التواصل مع الأطفال بطرق صحية مهم جداً، وهو مرهونٌ بالحد الأدنى من معرفة طبيعة عمل عقولهم؛ كيف يرون العالم من حولهم بطريقة مبهمة، ويخزنون مشاهده في الذاكرة.
ليش هي فكرة ملغمة بالأخطاء؟
لأن التواصل مع الأطفال على أساسها، غالباً ينتج الكثير من المعاناة. لما يرى الكبار أن الأطفال كائنات لاتفهم، لا يرون ضرورة التواصل مع الطفل حول مايحدث حوله. فيكبر الطفل بعلامات استفهام كبيرة، يرجئها في ذهنه إلى أن يجد بنفسه لغةً تشرح له ماحدث.
الواقع الاجتماعي للفرد (علاقاته وأدواره) أهم من الواقع الذاتي (أفكاره ومشاعره)، وهو المشّكل الأول له.
معظم الاضطرابات تتضمن عجز في إدراك هذا الواقع الخارجي. أو صعوبة في التواصل معه، أو فشل في إدراك موضع الذات فيه.
في الذهان، الواقع الذاتي ينعزل، لتقطع الأواصر مع الواقع
قرأت مرة أن الانكشاف على جوانب ضعفك في علاقة صحية يجعلها أكثر حميمية ويوثق روابطها. بينما في علاقة مؤذية سيكون هذا الانكشاف بمثابة دعوة للمزيد من الأذى. في رأيي الأمر ينطبق على المجتمعات، هناك مجتمع سيتقبل تجربتك، ومجتمع سيريك الويلات لو نطقت. ليس كل مايقال هناك يمكن أن يقال هنا.
لن تكون دائماً الشخص المتماسك، الهادئ، والعقلاني، من الطبيعي أن تضعف، تقلق، وتتصرف بغرابة أحياناً. لن تعيش حياةً مصقولةً لامعةً على الدوام، من الطبيعي أن يملأ الغبار رفوف حياتك في فترة من الفترات.
فهم المعاناة -خصوصاً النفسية- يتطلب درجة من الحساسية والتعاطف ماهي موجودة عند الجميع، لا تستميت لتشرح نفسك لشخص ليس لديه هذه الصفات، شخص لا يكترث، وربما لا يستطيع الاكتراث، ولو رغب. تقبل أن هناك اختلاف شاسع في أفهام الناس.
يُفرَض على الكثير من النساء قهراً مستمراً، ومساساً بإرادتهن وكرامتهن باسم الدين والعادات، و هذا يسلب منهن حق الغضب علناً. أين يذهب هذا الغضب كله إذن؟ يوجّه إلى الداخل على هيئة حزن وشعور مكثف بالعار. المجتمع قد يخلق اضطراباً من العدم، وأيّ شخص ينكر أو يتجاهل ذلك مُشارك في الظلم.
أحب، وهذه القدرة على الحب هي أعظم هبات الله لي. أحب الحياة على عِلاتها، أحب الذين أحبوني، وبهم أدركت ضرورة الحب. أحب الذين لم يحبوني، وبهم أدركت بشاعة غيابه. أحب نفسي، أحب استمتاعي بالسهل، وتجّلدي على الصعب. أحب الطريقة التي أفكر بها، وأشعر بها، والطريقة التي أكتب بها كل ذلك.
قرأت مقال يشرح كيف أن التواصل هو أحد المعالم التي تحدد الهوية العاطفية. كلما كان الشخص أقدر على الإفصاح بوضوح أصبحت هويته أكثر تماسكاً ونقاءً.
"ماذا تفعل بخيبتك، هل تضعها في كلمات تمكن الآخرين من رؤية موقفك؟ أم تحولها إلى رموز وتتشرب الألم؟ أم تخرجها على هيئة غضب موجه للأبرياء؟"
الإهمال العاطفي أحد الإساءات المسكوت عنها، لأنها تحدث بهدوءٍ مروّع، فمايحدث للطفل المُهمَل يحدثُ بصمتٍ داخله. يقول وليام جيمس:"لايمكن ابتكار عقوبة أكثر وحشية من أن تعيش مع أشخاص لا يلاحظون وجودك."
يوّلد الإهمال ألمٌ يتدفق من اللاشيء، فيبدو كل شيءٍ على مايرام، ولاشيء على مايرام.
المرعب في الاكتئاب أنه يُدخل الإنسان في بُعد زمني خاص فيه، يغيّب تماماً كل ما كان جيد في الماضي، ويسحق أي إمكانية لحدوث أمر جيد في المستقبل، الوعي لا يحوي إلا الحاضر الكئيب . المتعة والبهجة والمعاني الجميلة يبتلعها ثقب أسود، وتصبح بلا وجود في عقل الشخص ولا حتى مخيلته.
أهم ما
من السهل أن يحب المرء ما هو بعيد عنه. القرب هو امتحان المحبة الحقيقي. يصعب حب ما هو ملتصقٌ فينا؛ ذواتنا، الأشخاص الذين لهم حضور ثابت في محيطنا، والأمور التي أصبحت جزءٌ يومي من نمط حياتنا. من الصعب النظر إلى القريب والمتاح والحتميّ بعين مُحِب، لا عين معتاد.
تساؤل تأملي -وقد يكون تحولي- :
تخيل أن هناك شخص يعاملك بنفس الطريقة التي تعامل بها نفسك، ويخاطبك بنفس اللغة التي تخاطب بها نفسك، كيف تصفه؟ وماذا ستقول له؟ وهل ترغب بالاستمرار في التعامل معه؟
لن تشعر بالانتماء وأنت تتخفى عن العالم خلف واجهة مثالية منحوتة بعناية. لن تنمو وأنت تتظاهر بأنك مكتمل النمو. من يرفض وجود نقائصه، يخالجه أسى النقص كلما اختلى بنفسه، ويخالُ أحياناً بأن الأرض تلفظه. فقط حين يتقبل الإنسان طبيعة نفسه، يصبحُ قادراً على رؤيتها، إنصافها، وتقويمها.
يحصل خلط عند البعض بين مفهومي التعرّضية vulnerability و الإفراط في المشاركة oversharing
التعرضية هي أن تسمح لنفسك -حين يتطلب الأمر- بأن تكون في موقف ضعف؛ أن تفتح قلبك وتشارك أكثر ما يؤلمك مع الشخص المناسب في الوضع المناسب. بينما الإفراط في المشاركة هو أن تقول كل شيء لكل أحد.
كل صداقةٍ حقة هي مشروع ترميمٍ مستمر لما تدمره مصاعب الحياة في دواخلنا، إنها العلاقة التي تجعل لوجودنا أكثر من بُعد، كما يصف ادلر: "أهم مانجنيه من الصداقة، هو اتساع مجال رؤيتنا وشعورنا، لأننا نرى الأمور بعين شخصٍ آخر، ونشعر بقلبه." وكم هو مهمٌ لنا ألا نرى الأمور بعيون ذواتنا فقط.
مافيه شيء يقدر يحافظ على صحتنا النفسيّة زي التواصل الصحي الفعّال، ومافيه شيء قادر يدمرها زي غيابه. إننا نسأل لما مانعرف، نعبّر لما نزعل ونتضايق، نستوضح لما نشّك، نعكس دواخلنا بوضوح، نسمح للناس تفهمنا، ونحاول نفهم الناس. الحياة معقدة بما فيه الكفاية، ماتحتاج أي لمسة غموض والله.
معلومة صباحية:
لما تمر في وقت صعب تحدث مع نفسك بصيغة المخاطب. مثل: "أنتَ الآن تمر بضغوط" بدلاً من "أنا مضغوط"
هذه الخدعة اللغوية تحقق لك أمرين:
- تخلق مسافة بينك وبين التجربة الصعبة
- تزيد احتمالية أن تقدم لنفسك النصيحة اللي ممكن تقدمها لصديق، وهي غالباً ستكون أكثر حكمة وإنصاف.
تبدأ أي أزمة نفسية بالتراجع، بمجرد أن يجد الشخص من يصغي إليه دون أن يصدر أحكاماً وتقييمات. مهما كان شعوره حينها غريباً، حزيناً، وغير مريح، فإنه حين يجد موقف القبول هذا، تبدأ وتيرة الانفعال بالهبوط. هذا الأمر قد يبدو بسيط ومتاح، إلا إننا نتوق إليه بشدة، ونفتقده جداً.
يرى ارسطو أن صداقات الفضيلة هي الأكثر ديمومة، وهي الصداقة التي تنشأ من إعجاب الأصدقاء بفضائل بعضهم البعض، لأنها راسخة في هوياتهم كأشخاص، وهي -غالباً- ليست عرضةً للتغيير.
الفرق بين الرحمة والشفقة شاسع جداً، الإنسان الرحيم لايمكن أن يشفق، الرحمة نابعة من إحساس عالِ بالارتباط بالآخر وإدراك معاناته كجزء من دائرة المعاناة التي تحيط بنا جميعاً، بينما الشفقة نابعة من إحساس خفي بالفوقية.
"لا تقبل الشفقة أبداً "
لو سألت عن الشعور الذي يجسد أقسى العقوبات العاطفية، سأقول الشفقة.
حين تشفق على أحد تشير إلى عجزه وضعفه، وتقصي قدرته وكرامته. شعور مشبع بالنظرة الدونية للآخر، وإن كان في ظاهره يموّه نفسه ليبدو مثل اللطف والرحمة. وأبشع مواطنه حين يوجهه الشخص لنفسه.
اسوأ سيناريو ممكن يعيشه الإنسان هو ألّا يكون الشخصية الرئيسية في قصة حياته، يضع نفسه في دور ثانوي، ويظل ينتظر البطل الذي سيأتي ليسد ثغرة القصة، ولن يأتي، لأن كل بطل هو بطلٌ في قصته الخاصة.
الأقوياء نفسياً ليسوا الأشخاص الذين لم يواجهوا أي مشكلات/صعوبات نفسية. أقوى الأشخاص نفسياً هم الذين عايشوها، واكتسبوا مهارة أن يعيش المرء ثابتاً في خضم فوضى الاضطراب، هادئاً وسط الضجيج الداخلي، يدير دفة حياته -رغم صعوبة إدارتها- باتجاه الحياة القيّمة.
انشأت مدونتي الخاصة على أمل أن تحقق إثراء أكبر بعيداً عن فوضوية تويتر، محتواها غالباً مقالات نفسية، واقتباسات مترجمة، وطبعاً يسعدني جداً لو حظيت بمتابعتكم، و أبديتم آرائكم على أول مقال أنشره فيها ❤️
قرأت مقال يقول بأننا نحزن حين نفقد القدرة على التساؤل، لما نعتقد أننا نعرف كل شيء، ويبدو لنا العالم مألوف وقديم. مؤمنة بأن الدهشة والفضول والاستكشاف هي مولدات الحياة بداخلنا، وأخطر كذبة وأشنعها بحق أنفسنا، هي كذبة يصنعها مزاجنا الكئيب لما يوهمنا بأن الحياة مملة ومكررة.
"مساعدة الفراشة على الخروج من الشرنقة يقتلها"
على عكس مايبدو عليه الأمر، الحماية المبالغ فيها لأحدهم من الألم، أشبه بخيانةٍ له، تبقيه عالقاً في منطقة بعيدة عن الحياة. وتقديم النصح والتوجية باستمرار هو إهانة للعقل، وتشجيع على ضموره. بقدر مانحترم ذواتنا، علينا احترام ذوات الآخرين.
على الطرف الناضج للحب:
لا يتوق الشخص إلى أن يُذهَل الآخر بمزاياه، بقدرِ توقه إلى أن يقبَل عيوبه.
لايطمح أن يحمِل عنه الآخر مهمة تحقيق أحلامه، بل يطمح أن يُشعره باستحقاقه لها.
لايريد علاقة احتكار يغنيه فيها وجود الآخر عن الجميع، بل علاقة توسّع من حدود وجوده في علاقات أخرى صحيّة.
تعرفون شعور استعادة الشعور بعد الاغتراب عنه لفترة؟
كأنه لقاء حميمي يصير داخلك بعد مدة من الفقد، ماكنت تعرف خلالها هل ستشعر من جديد أم لا؟ عودة الشعور انعتاق من الموات النفسي، حياة جديدة تولد بداخلك، بُعد آخر يضاف لمشاعرك لما تعرف كيف ممكن تفنى، فتقدّر وجودها أكثر، وتحتفي بها.
أضفت مقال جديد على مدونتي، كتبت فيه عن العلاقات كما تصوّرها نظرية الارتباط Attachment Theory. يتضمن المحاور التالية:
- لماذا نحتاج إلى العلاقات؟
-أنماط الارتباط، وكيف تؤثر على الطريقة التي نحب بها؟
- الحدود الشخصية
-لماذا يعد الانفصال تجربة قاسية ومؤلمة؟
لما يكون الشخص في أعلى درجات الإحباط، ويجي أحد ينظّر عليه بأعلى درجات التحفيز، اللي يصير إن الفجوة في ذهنه بين وضعه الحالي والتحسن المطلوب تتسع وتتعمق. يُسمى هذا النوع الإيجابية السامة، لأنه يشعرك بالمرارة وكأنك تجرعت سماً، وهذه الإيجابية اللي الله يحرمنا منها جميعاً.
الفرق بين الرحمة والشفقة شاسع جداً، الإنسان الرحيم لايمكن أن يشفق، الرحمة نابعة من إحساس عالِ بالارتباط بالآخر، وإدراك معاناته كجزء من دائرة المعاناة التي تحيط بنا جميعاً، بينما الشفقة نابعة من إحساس خفي بالفوقية. الرحمة هي الترياق لبؤس الحياة.
في أضعف حالاتك، تتضح معالم حياتك الأصلية. تتموّه صورتك في أعين المنبهرين بك، ولا تبقى واضحاً كما أنت إلا في أعين المحبين لك.
يتقلص عالم أوهامك، وتتسع حدقة عينيك، لتبصر واقعك كما هو.
في الضعف، لا يبقى لك إلا أعزّ مافي هذا الوجود؛ الحب والحقيقة.
تغيرت نظرتي للكثير من الأمور حين استوعبت أنّ الأذى عرضٌ جانبيٌ لوجودنا؛ قد نؤذي بذكاءنا أو غباءنا، بنجاحنا أو فشلنا، بتغيرنا أو جمودنا، بلامبالاتنا أو مراعاتنا.
لخص هاروكي موراكامي هذه الحقيقة الموجعة: "على الرغم من بَذلِك لأقصى جهودك، سيتأذى الناس عندما يحين وقت تعرضهم للأذى".
تقول مايا انجلو أن كل شخص يحتاج إلى يوم يقضيه بعيداً عن كل شيء. يفصل فيه بوعي بين الماضي والمستقبل، يختار فيه ألّا يرى أي مشاكل، ولا يبحث عن أي حلول. ينسحب بإرادته -ليومٍ واحد- من الهموم الروتينية التي لم ولن تنتهي.
ليستوعب حقيقة أن قلقه لا يغير وتيرة الحياة كما يعتقد.
"يجب أن يتم احتضان الأطفال، والتحدث معهم، والغناء لهم، والنظر إليهم بشغف. يحتاج كل طفل إلى شعور أساسي ضروري بأن أولئك الذين وضعوه على الأرض يحتاجون إليه، و يمثل لهم وجوده مصدراً للبهجة الغامرة. بدون هذا، قد يعيش الطفل مع تشككٍ دائم في حق وجوده، واستحقاقه للحب.
هناك فوضى لا تهدأ إلا بالفهم، تتناثر بداخلنا الأفكار والمشاعر و الصور بشكلٍ مربك إذا لم نجد من نشاركه فوضانا. الفهم يعمل عمل الجاذبية، حيث يسير كل شيءٍ في مساره الخاص. بوجود هذا الشخص الذي يمكن أن نشاركه ويفهمنا، سننتمي إلى مجرةٍ ما، وأياً كان مايدور فينا، لايهم، فإنه سينتظم.
كتبتها قبل سنتين، وكانت خاطرة خاطفة، لا أدرك بوضوح ما دفعني إلى كتابتها. الآن استحضرتها، وكأني فهمت بالفعل ماكنت أعنيه.
إذا لم ينظر الشخص إلى داخله بعينيه، ويعبّد الطريق إليه بيديه، يظل محجوباً عن العالم.
ومتى استجمع ما يكفي من الحب والشجاعة ليلتفت إلى نفسه، يصبح ملفتاً.
إن أكثر مايذهلني-ويرعبني- في النفس البشرية هو قدرتها على التحايل لأجل مصالحها، قدرتها على إخفاء تجاوزاتها تحت رداء الفضيلة. الإنسان قادر على خلق مبررات مقنعة، ليتنصل من أي خطأ أخلاقي يقع فيه، الحدود بين الخير والشر شبه مائعة حين يكون الموضوع هو " الأنا"
أصل التواصل الصحي هو الاستيضاح، استوضح، فكل (حديث، إيماءة، نظرة) تحدث في تفاعل، تحتمل عدة معاني، وقد لا يتفق المعنى المفهوم مع المعنى المقصود. يكون التواصل صحياً، حين يصبح المعنى متوحداً لكلا الطرفين. حينها لا يكون هناك افتراضات، توقعات، وسوء فهم. يكون الانسجام، القرب، والتوافق.
الصورة الرومانسية للارتباط توهم الشخص بأنه قادر أن يفصّل الآخر على مقاس احتياجه. لايمكن أن تجد شريك حياة كاملاً بذاته ومكمِّلاً لك إلا في تلك الصورة المشوهة، الواقع يتجسد في هذا الاقتباس "يختار الإنسان حين يرتبط نوع المعاناة التي يمكنه احتمالها"، لأن العلاقات قائمة على التنازلات.
من فوائد حزني أنه كلما تعمق فيني، اضطر أوسع من نظرتي لنفسي وللحياة لاحتواءه. وكلما زادت حدته، اضطر أرفع من سقف قدرتي على التحمّل. وكلما طالت مدته، اضطر أعوّد نفسي على التقبل.فهو -على مرارته- مع مرور الوقت يجعل مني إنسانة أكثر اتساعاً وتحملاً وتقبلاً.
"ما يجعل أحدهم يشعر بالوحدة ليس عدم وجود شخص يمكن أن يكون معه. لكن عدم وجود شخص يمكنه فهم الأجزاء الأكثر صدقًا وغرابةً ومرواغةً في نفسه. تعّمق الشعور بالوحدة لدى البعض، قد يعود لكونهم على اتصال وثيق بتلك الأجزاء؛ يدركونها، لاينكرونها، يتوقون للبوح بها، وإيجاد من يشترك معهم فيها."
أهرب من كلا الجانبين؛ من الابتهاج الساذج بالحياة، ومن اليأس المطلق منها. لا أُنكِر ماهو مروّع، دون أن أتقبله، ولا أتخطى ماهو جميل، دون أن اتأمله. بالمزج بين جمالها ومأساويتها، هكذا أحاول تلمّس طريقي فيها.
كل تغيّر يعتري حياة الشخص، ويضرب في أعمق جذوره، ويهزّ مفهومه عن نفسه وعن الآخرين وعن الحياة، يتبعه -بالضرورة- فترة ضياع. تغير كهذا يوّلد معاني، وينسِف أخرى. وإدراك الشخص لهذا التجدد في بنية المعاني بداخله، وتعامله مع الموجود والمفقود، يحدد بدرجةٍ كبيرة قدرته على استعادة اتزانه.
يقول نيتشه: " عندما نكون متعبين، تهاجمنا من جديد تلك الأفكار التي هزمناها منذ مدة طويلة"
التعب يسلب منّا الحكمة، يعرينا من مقاومتنا، يُرينا أسوأ ما فينا. حين يتعب جسد الانسان، يعيش على الصعيد النفسي أكثر لحظاته هشاشةً وضعفاً.
من دلائل تماسك تقدير الذات قدرة الشخص على الاعتراف بالجوانب غير المحببة في شخصه، ومواجهتها. الانفتاح على رؤية انعكاساتنا -بمختلف صورها- هو ما يجعلنا ننمو. تلقي النقد هو الاختبار لمرونة وواقعية تصوراتنا عن أنفسنا. من يرسم صورة جامدة وهشة لذاته، يتهشم من أهون حقيقة يعرفها عن ذاته.
ماألوم أي شخص يعتبر التقدم في العمر صدمة نفسية، لأننا رهائن لثقافة تغذي فكرة تنميط الحياة بحسب العمر، أنا مااتجاهل التغييرات اللي تحصل مع تجاوز كل مرحلة، وماأدعي بأن العمر مجرد رقم، لكنّي ضد إننا نزيد الطين بلِة، ونتبنى فكرة السباق "الحق ماتلحق" لأنها فكرة مدمرة بكل المقاييس.
فيلم وثائقي يتكلم عن التجرّد من المقتنيات غير الضرورية، يشرح فيه علماء النفس والاجتماع والأعصاب كيف ممكن فهم أنفسنا علمياً يساعدنا على كبح رغباتنا الاستهلاكية غير الهادفة، وتغيير نظرتنا المادية للحياة اللي تغذيها باستمرار الشركات المستفيدة من هذا الاستهلاك.
تابعت وثائقي المعضلة الاجتماعية The Social Dilemma عن التأثيرات النفسية والاجتماعية والسياسية لوسائل التواصل الاجتماعي، من عقر دار مصنعيها. كيف هي كواليس هذا العالم اللي أصبح جزء معتاد من حياتنا وروتيننا اليومي، أضعف الإيمان نعرف مكاننا ودورنا في هذا العالم.
الدراسات النفسية المتتالية تشير إلى أن التعافي من الصدمات يحدث بشكل أسرع في حال وجود علاقات داعمة: "لأننا عندما نشعر بالرعب لاشيء قادر على تهدئتنا مثل اللمسة الحانية، الصوت المطمئِن، والعناق القوي، من شخص نثق به. تماماً تعمل معنا -كبالغين- وسائل تهدئة الطفل المذعور."
لن تنسى، ولا يجب أن تنسى لتتعافى، تحتاج أن تتذكر، دون أن تدفن نفسك في الذكرى، بل تنمو حولها، تبني لنفسك هويةً أكثر اتساعاً ونضجاً من هوية الشخص الذي تعرض للأذى، لتتمكن ببراعة ولطف من لف ذراعيك حول ذاتك الجريحة، والذكرى المؤلمة، والسياق الذي حدثت فيه.
إذا كنتِ حقيقية، بكلِ مافي الحقيقة من سمات: حلاوتها، مرارتها، أصالتها، صعوبتها، سطوعها، ظلامها، جديّتها، قطعيّتها. فلا يمكن أن تكوني رائعةً فقط، لابد أن تكوني مريعةً أيضاً. قد يهرع البعض إليك، وقد يهرب البعض منك.
تعلمنا منذ الصغر أن قيمتنا مرتبطة بما نحققه.
لذا، فإن الخوف من الفشل متعلقٌ بالكارثة العاطفية التي نتوقعها بعده؛ أننا نستحق الإذلال والتخلي. في التعامل مع هذا الخوف، لايوجد من هو أكثر براعة من صديق جيد، يذكرنا بفضائلنا، يواسينا، ونتيقن معه بأن إخفاقاتنا لاتخرجنا من دائرة حبه.
اللي يقرأ في السلوك البشري ودوافعه من نظريات مختلفة، رح يلقى نفسه بعد فترة أكثر لطف مع الناس ومع نفسه، أكثر تفهم وتسامح في حال النزوات، غالباً العطف والشفقة على هشاشة الانسان وبؤسه رح تطغى على الكره والرغبة في الانتقام، أو على الأقل هكذا يتهيأ لي!
"الغرور والاستعراض والتباهي ليست أعراض حب الذات بل هي دليل الغياب المأساوي لهذا الحب." من يحب نفسه حقاً لا يشعر بحاجة ملحة للتباهي، فهو يعرف كيف يشعر بالرضا من دون أن يفعل أي شيء غير اعتيادي، هو متمكن من حب نفسه إلى الدرجة التي يتجاوز ذلك الحب إلى الآخر.
قرأت مقال يشرح لماذا حاجتنا للطف والاهتمام أصيلة ومهمة وليست أمراً كمالياً؟ "لأن حالة الطفولة لا تمثل مرحلة عمرية تنتهي بمجرد تجاوزها. لكنّها تستحوذ على جزءٍ كبيرٍ من هويّاتنا كبالغين" نحن لاننمو بشكلٍ مطلق، ننضج في جوانب، وتبقى أخرى في غاية الهشاشة، تتطلع دائماً إلى المراعاة.
مؤمنة بالعلاج النفسي، من قبل البدء بممارسته، ويمكن حتى قبل أفهمه علمياً، العلاج النفسي عظيم كفكرة، كعلم، وكمعنى. فكرة إن شخص يساعد شخص نفسياً، ويستخدم نظريات العلم ومنهجه لتحقيق ذلك. المعنى اللي يتمخض من هذه التجربة، يبقى عظيم، عظيم جداً. وإن لم تكتمل، وإن لم تنجح تماماً،
حسرة القلب هي النتيجة الحتمية لكوننا نمتلك مشاعر صادقة تجاه علاقاتنا، أعمالنا، وأحلامنا. إنها جوهر علاقتنا بالحياة، حيث لامفر من التخلي عمّا لايمكن أن يكون لنا. إنها معنا على طول الطريق، وليست هوّة عرضيّة يمكن تجنبها.
من لديه الشجاعة لينظر إلى نفسه، والجرأة ليتفحصها، والمسؤولية لينصفها، والصبر ليهذّبها، هو شخص جدير بالحب، وجدير بالغفران، وجدير بالرفقة.
هذا معيار الإنسان الجيد في حكمي الخاص.
لايولد أحدنا وهو يحب نفسه، إننا نحب أنفسنا بقدر الترحيب الممنوح لنا بداية الحياة. وحين لانجد هذا الترحيب المبكِر، يصبح الوضع الافتراضي غير المُدرَك هو أننا كارهين لأنفسنا. لايهم كم نحن أذكياء، في هذا الأمر تحديداً نحتاج انعكاساً من الآخر، وقدراً هائلاً من الإنصاف، لنكون في صفنا.
الامتنان شعور عظيم، مكمن عظمته أنّه نابعٌ من حاجةٍ أصيلةٍ يصعب تتبعها في النفس؛ الحاجة إلى إحياء الجسور الممتدة مع الآخر. حين نكون قادرين على الامتنان، فنحن -ضمنياً- نعترف بدور الآخر في حياتنا، ندرك بأن هناك أعينٌ رأتنا، وأيادٍ مُدت لنا، ونخبر ذواتنا بأنها استحقت ما تلقّت.
”لا يحدث النمو الشخصي الأكثر عمقاً وتأثيراً، ونحن نقرأ الكتب، أو نمارس التأمل. إنّه يحدث في خضم الصراع؛ عندما نكون غاضبين، خائفين، ومحبطين. بينما نفعل نفس الأمور القديمة، حين نمر بلحظة تجّلي ندرك فيها بأنّ لديناً خياراً مختلفاً."
القدرة على استيعاب دورك الخاص في ما يحدث لك، هي
كل مرة اتعمق في موضوع الصدمات النفسية يزيد فهمي للنفس الإنسانية، وتراودني رغبة ملحّة بأن أشارك هذا الفهم للعالم كله. مهم ومفيد لكل إنسان فهم طريقة تعاطي أجسادنا وعقولنا مع الأحداث الصادمة. أشارككم هذا المقال اللي كتبته سابقاً عن الموضوع
#PTSDAwarenessDay
العرض الجانبي لبشريتنا هو أننا لايمكن إلا أن نؤذي؛ قد تؤذي بذكاءك أو غباءك، بنجاحك أو فشلك، بتغيرك أو جمودك، بلامبالاتك أو مراعاتك. قد تؤذي الغريب أو أحب الناس إلى قلبك. لخص هاروكي موراكامي هذه الحقيقة: "على الرغم من بذلك لأقصى جهودك، سيتأذى الناس، عندما يحين وقت تعرضهم للأذى."