مطار "بن غوريون" سُمي على اسم مؤسس الدولة الصهيونية، ومطار "رامون" سُمي على اسم أول رائد فضاء في تاريخها. المطاران أغلقا بفعل صواريخ تحمل أسماء شهداء فلسطينيين. تشعر أن جانبا من المعركة شخصي تماما وأنّه يدور هناك بعيدا، حتى في العالم الآخر، حيث لا تتوقف مطاردة شهدائنا لهم.
الحرب على غزّة دخلت أسوأ وأخطر مراحلها على الإطلاق. الاهتمام بما يجري خفت إلى أدنى حد، الفصائل الفلسطينية مختفية عن المشهد تماما، إسرائيل تسرح وتمرح على الأرض بدون قيود، التهجير الداخلي بلغ ذروته بعد الهجوم على المنطقة الوسطى، والكارثة الإنسانية وصلت أقصى حد.
إسرائيل تسمح بمرور قافلة مساعدات إلى أطراف مدينة غزة، وحال تجمّع الناس حولها يقوم جيشها بقصفهم وقتل العشرات منهم. هذا السيناريو تكرر أكثر من مرة في الأسبوعين الأخيرين. اليوم فقط سقط 30 شهيد أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات في منطقة تعيش أهوال المجاعة.
الكارثة الإنسانية في قطاع غزّة دخلت مستوى جديدا أكثر قسوة مع الشح الشديد في مياه الشرب النظيفة. منظمة "اليونيسيف" تتحدث الآن عن حالات وفاة للأطفال في غزة بسبب الجفاف. الحصار الذي تضربه إسرائيل على القطاع هو ماكنة حرب لا تقل فتكا عن الطائرة والمدفع والقنابل.
الناطق باسم وازرة الصحة الفلسطينية: 19 عائلة فلسطينية تم محو أسماء أفرادها من السجل المدني بعد استشهادهم في الغارات الإسرائيلية على المباني السكنية من بينهم 45 طفلا.
يبدو أن إسرائيل وضعت قائمة بكل أطباء غزّة مع تعليماتٍ بقتل كل من تطاله يد الجيش منهم. من المستحيل أن ترى وتسمع بكل هذه الاستهدافات للأطباء الفلسطينيين دون أن تفكر بأنّ هذه حملة اغتيالات منظّمة دُبّرت بليل من عصابة شريرة آثمة.
هذه الحرب تتجاوز حتما سياقاتها الفلسطينية. هذه الحرب يُراد لها أن تكون أمثولة ودرس لكل من يخرج عن حدود الطاعة الأمريكية. غزّة تدفع الثمن الباهظ لقرار أمريكي بتأديب فقراء العالم كله. هذه حربٌ عالمية مصغرة تدافع فيها غزّة عن آخر ما تبقى من قيم العدالة والحرية.
لهذا السبب يقرأ المرء ويدرس التاريخ العسكري حتى لو زاد عُمر هذا التاريخ على مائة عام. المحور الذي تقدّمت منه قوّات العدو اليوم هو نفس المحور الذي تقدمت منه القوّات البريطانيّة في معركة غزة الثالثة في مثل هذه الأيام بالضبط عام 1917. كانت خطّة الجنرال إدموند اللنبي للدخول إلى غزة،
اخترقت دفاعات غزة ثلاث مرات في القرن الماضي من نفس الجهة ، صحيح ان الاعداء اختلفوا والزمان اختلف ، فيما لا زالت رهاناتهم وخططهم متشابهة، دخول بلا معركة ، بالمجازر والتدمير المسبق .
ولكن هل نحن ذاتنا؟ بعد ٧ اكتوبر بالتأكيد لا
فليأتوا ونعيد كتابة التاريخ
قضية فلسطين ليست قضية "أبارتهايد". إنها قضية حق تقرير مصير لشعب واجه مشروعا استعماريا للتطهير العرقي، وحلها لن يتحقق إلا بتفكيك المشروع الصهيوني، وليس بخلق نموذج تعايش بين المستوطنين وسكان الأرض الأصليين يحافظ فيه المستوطنون على امتيازاتهم الطبقية ويعمل الأصليون لديهم كعبيد.
في كثير من الأحيان أشعر أن الهاتف المحمول تسبّب بعطبٍ ضميري غير قابل للإصلاح لدى البشرية جمعاء. التحفّز بهذا المقدار لتصوير مشهد مأساوي كهذا كما لو كان مشهدا سينمائيّا بدلا من مواساة أو مساعدة صاحبه أمرٌ يدعو للكثير من التفكير. في مستشفيات غزّة رأيت عشرات المشاهد لشبّان يستلّون
غالبيّة الأصدقاء الذين هاتفتهم في غزة يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم والحديث عن يومياتهم، وما زال أزيز الطائرات وصوت القنابل يدوي في رؤوسهم بلا توقف، وكلهم بدون استثناء يعانون اضطرابات في النوم والأكل. لا ينبغي لنا إضفاء طابع رومانسي على الحرب أو جعلها مادة للفكاهة أو التندّر.
هنالك مجزرة حدثت صباح اليوم في غرب مدينة غزّة لكن المعلومات عنها لا تزال شحيحة للغاية. شهاداتٌ متواترة أكدت أن العشرات من المواطنين قُتلوا برصاص وقذائف الدبابات أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية بالقرب من دوار الـ 17 بعد أن فتك بهم الجوع والعطش.
الشهيد جمال عبد العال استشهد هو وعائلته في القصف الإسرائيلي على حي الزيتون بمدينة غزّة. جمال كان أحد طلابي في كلية الاقتصاد بجامعة الأزهر وقد كان إنسانا دمثا يحمل قلبا أبيضا نقيّا لا يعكّر صفوه شيء. المجد لشهداء شعبنا.
تطوّر خطير: في الساعة الأخيرة أعلنت كل أركان الإدارة الأمريكية (البيت الأبيض - مجلس الأمن القومي - البنتاعون) رسميا أن مستشفى الشفاء وغيره من المستشفيات في قطاع غزة تُستخدم كمراكز للقيادة والسيطرة وإخفاء المحتجزين. ما القادم؟
حُوّلت الكثير من البيوت العتيقة في مدينة فاس القديمة إلى فنادق، وأهل المغرب يطلقون على الواحد منها اسم “رياض”. يقول لسان العرب : اسْتَراضَت النَّفْسُ أي طابَتْ وانبسطَتْ، وهذا بالضبط ما يشعره المرء حين يقيم في هذه الأماكن. الصورة من رياض سلطانة بفاس.
عشرات الآلاف من أهالي قطاع غزّة يعيشون الآن أكثر أيامهم كربا وكآبة وكمدا. البرد قارص والأمطار غزيرة لا تتوقف، وهم في العراء بلا مأوى ولا دفء ولا أمل بقرب انتهاء فصول نكبتهم المتجددة.
المأساة في الكارثة الإنسانية في قطاع غزة لا تتجسد في دفع الناس لحافة الجوع والعطش وتعريضهم لمخاطر الأوبئة فقط، بل وفي أنها قضت أيضا على مدّخرات الآلاف منهم. ارتفاع الأسعار الجنوني أجبر الناس على صرف ما ادخروه طويلا خلال بضعة أسابيع حتى يتمكنوا من الاستمرار.
بعد هذه الليلة المجنونة من القصف الإسرائيلي الهمجي، أصبحت كلمة مجزرة أصغر بكثير من أن تصف المقتلة البشعة التي تجري بحق أهل غزة. اللغة بحاجة لأن تعيد اختراع نفسها من جديد حتى تتمكن من التعامل مع فداحة هذا الواقع وقد تفشل في هذه المهمة أيضا.
حرارة حرب غزّة وتأثيرها على الرأي العام الدولي انخفض بشكلٍ واضح خلال الأسبوعين الأخيرين. الحرب بدأت بالتحول إلى حدثٍ عادي يعتاد عليه الناس ويتعايشون مع فصوله المختلفة. أي هدنة مؤقتة من شأنها أن تُعمّق من هذا الاتجاه وأن تُغرق غزّة ومأساتها أكثر في العتمة.
لا تدع زحمة الأحداث تُنسيك أن موقف الأمين العام للأمم المتحدة من حرب غزّة كان أقوى وأشجع وأكثر أخلاقية من موقف إيران الثوريّة التي تُهدّد إسرائيل بالويل والثبور منذ ما يزيد على أربعين عاما.
عملية اغتيال صالح العاروري في بيروت جاءت بعد أيام قليلة فقط من اغتيال واحد من أهم قيادات الحرس الثوري في دمشق. دائرة الاغتيال قد تتسع بشكلٍ أكبر إذا استمر غياب الردع لإسرائيل من الساحات الأخرى. كل المؤشرات تقول بأن إسرائيل لن تلتزم بأي قيود من أي نوع.
قضية فلسطين ليست قضية "أبارتهايد". إنها قضية حق تقرير مصير لشعب واجه مشروعا استعماريا للتطهير العرقي، وحلها لن يتحقق إلا بتفكيك المشروع الصهيوني، وليس بخلق نموذج تعايش بين المستوطنين وسكان الأرض الأصليين يحافظ فيه المستوطنون على امتيازاتهم الطبقية ويعمل الأصليون لديهم كعبيد.
النية الإسرائيلية معقودة على تنفيذ عمل إجرامي واسع النطاق تحصد فيه أكبر عدد ممكن من أرواح الفلسطينيين ومنازلهم. الجهد الوطني يجب أن ينصب على ضرورة عدم استفراد إسرائيل بغزة. كل نقطة اشتباك جديدة في الأرض المحتلة تُبعد شبح المجزرة القادمة من فوق سماء مدينة المقاومة الحرّة.
انهيار الليرة التركية درس قاس لمن يعتقد أن بالإمكان بناء اقتصادات متينة بالاعتماد على الاستهلاك الممول بالديون وفتح أسواق رأس المال بلا قيود والاستثمار الكثيف في القطاعات العقارية، وهو مناسبة ممتازة أيضا لدفن ضلالات العظمة التي اعتنقها الإسلاميون العرب إزاء تركيا في العقد الأخير.
غزة تُركت وحيدة بلا دعم ولا إسناد. هذا كلّه يجري ولا يزال الدم ساخنا والموت المُعمّم يحظى بكاميرا تبث للجمهور فصول الفجيعة على مدار الساعة، فكيف سيكون الحال حين تنتهي حرب النار وتبدأ الحروب الصغيرة التي ستجري في العتمة وستكون أشد قسوة على الناس؟
منذ بداية العدوان على قطاع غزة اُستشهد ثلاثة فلسطينيين نتيجة للسكتات القلبية الناجمة عن تدمير منازلهم أو بسبب صدمات الرعب التي تُخلّفها أصوات القنابل الإسرائيلية. في غزّة لا تقتلك إسرائيل بقوة المتفجرات وبشظايا الفولاذ فحسب، بل تقتلك حزنا وكَمَدا ورعبا.
أمام تجربة إسرائيل العدوانية في تحويل غزة إلى مختبر حيّ لأحدث الأسلحة الفتاكة، تنهض تجربة بطولية يصوغها الأطباء والممرضون الفلسطينيون، مُجترحين فيها معجزات خارقة ستصبح مستقبلا علامة فارقة في طب الحروب ومناهجه. في غزة يخوض المبضع معركة استثنائيّة ضد الـ F-35.
أول خطوة قام بها الفلسطينيون بعد أن هُجروا من بلدهم عام 1948 هي محاولة العودة إليه عبر دروب المخاطر، وقد اُستشهد وفُقد على هذه الدروب المئات منهم. درس النكبة كان قاسيا ومريرا ولذلك فإن مسيرة العودة هذه لم تتوقف منذ ذلك الوقت.
وفقا لمنصة "الطاقة" المتخصصة، نقلا عن مصادر مطلعة، فقد قامت إسرائيل بوقف صادرات الغاز الطبيعي إلى الأردن بدون تنسيق مسبق مع الجهات الأردنية المعنية. هذا القرار يأتي بعد أن جرى تخفيض صادرات الغاز إلى مصر أيضا بعد اندلاع الحرب في الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري.
أصدق وأشجع ما سمعت خلال الحرب الحالية هو ما قاله الطفل مهدي صاحب مقولة "طارية طير"، والذي يعرفه كل أهل غزّة. كان يجلس على ركام أحد المنازل، وبابتسامته الساحرة كان يرد على سؤال أحد أصدقائه عن رغبته في الشهادة، فقال: "بدناش نضحك ع بعض.. الروح غالية".
صاروخ "كورنيت" المضاد للدروع هو حفيد صاروخ "ماليوتكا" الذي طوره السوفييت مطلع الستينيات والذي استطاع العرب من خلاله إفشال الهجوم الإسرائيلي المضاد على جبهة سيناء يوم 8 أكتوبر 1973 وتكبيد سلاح المدرعات خسائر ضخمة في حينه. علاقة جيلية مميزة تجمع السلاح السوفييتي مع المقاتلين العرب.
الناس في غزّة يكرهون فكرة الهدنة المؤقتة لأنهم يشعرون أنها تنطوي على احتقارٍ عميق لهم. الهدنة المؤقتة كانت محصلة لتجنّد العالم بأسره من أجل إطلاق سراح المستوطنين الإسرائيليين وتأمينهم، بينما كانت بالنسبة لأصحاب الأرض مأساة اكتشفوا خلالها جانبا من عمق مُصابهم.
الحراك الدبلوماسي بعد حرب غزة يشي بأن عملية إعادة الإعمار ستكتنفها شروطٌ أكثر تعقيدا وإذلالا. كل المانحين المحتملين يقولون بصراحة وقحة: لا نريد للأموال أن تمر عن طريق “حماس” ونريد أن نجد طريقة لتعزيز سلطة رام الله. الأمر أشبه بثورة مضادة لتقويض ما تحقق فلسطينيا وعربيا خلال الحرب.
تحليلي لمسألة الطريق البري بين دبي وإسرائيل بالأرقام: هذه عمليّة دعائيّة إسرائيليّة من ألفها إلى يائها، وهي مُصمّمة بشكلٍ رئيسيّ لتعزيز فكرة لدى الجمهور العربيّ مفادها أن إسرائيل أصبحت جزءا لا يتجزأ من خطوط التجارة الإقليميّة، و��ن هنالك إمكانيّة ما في المستقبل لأن يكون ميناء حيفا
🔴ترجمت لكم من العبرية إلى العربية
من #الامارات إلى #إسرائيل
هنا سنشاهد في التقرير الحصري بالصوت والصورة الذي أعدته القناة 13 الإسرائيلية عن #الخط_البري الممتد من #دبي مرورا بالسعودية والأردن والذي ينتهي بالمعبر الإسرائيلي، ومن خلاله يتم عبور الشاحنات التي تحمل اللوحات
الهجوم على مستشفى الشفاء جاء في نفس الليلة التي خرجت فيها تقارير صحافية عن وصول المفاوضات بشأن "هدنة إنسانية" وصفقة محدودة لتبادل الأسرى إلى مراحل متقدمة. لا يمكن عزل عملية استهداف مستشفى الشفاء عن عملية التفاوض ومخرجاتها المحتملة.
لا يزال هنالك الآلاف من الناس في مدينة غزّة والشمال ممن اختاروا البقاء في بيوتهم ومراكز الإيواء وعدم النزوح جنوبا، وهم يعيشون الآن ظروفا شديدة الصعوبة في ظل حصار القوات الإسرائيلية لهم وافتقارهم لأبسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء. كونوا صوتهم ولا تنسوهم.
قلنا ونعيد ونكرّر أن هذه المرحلة من الحرب هي الأسوأ والأخطر. ما جرى في خانيونس يُنذر بعواقب وخيمة إذا استمر بنفس الوتيرة والإجرام. واحدة من التبعات المباشرة لما يجري هناك الآن هو الدفع بآلاف النازحين إلى رفح وحشر 2 مليون إنسان فيها وتعميق الكارثة الإنسانية.
جزء من خصومتي مع حركة "حماس" نابع من أنها تتعامل معنا كمختبرات لتجريب مغامرات لا تسندها أفكار أصيلة. الجامعة الإسلامية تستضيف مجموعة من المؤثرات لتقول أنها لا تمنع الطالبات من وضع الميك آب، طيب لماذا جعلت مجتمعنا يدفع ثمن أفكارك الظلامية لعقود إذا كنت ستتخلى عنها بكل هذه السهولة؟
لن أتعايش أبدا مع فكرة وجود هذا العدد الهائل من "المؤثرين" المنشغلين باقتحام مساحات الضعف الإنساني شديدة الخصوصية لتصوير لحمنا المذبوح وأشلائنا المتناثرة. هذا عار ينبغي أن يأتي يوم وأن يتوقف تماما. الناس لها كرامة والحرب ليست مسرحية تراجيدية ولا يجب أن تكون.
العذابات التي يتعرّض لها الناس في كل لحظة في مراكز الإيواء تفوق كل تصوّر: العطش والجوع والمرض والتعب والألم ومفارقة مرابع الصبا والذكريات. وكأن كل هذا لا يكفي، فتأتي إسرائيل لتصب جحيمها عليهم وتحولهم إلى أشلاء بلا ملامح.
طائرات العدو ارتكبت قبل ساعة مجزرة في قلب مدينة غزة. أطنان من القنابل ألقيت على مربع سكني فمسحت عدة بنايات سكنية في لمح البصر. الحديث يدور عن عشرات الشهداء والجرحى والعالقين تحت الأنقاض.
موجة نزوح جماعي بدأت قبل قليل من مستشفى الشفاء بمدينة غزة باتجاه مناطق جنوب الوادي. التغطية الإعلامية من مناطق غزة والشمال أصبحت ضئيلة أكثر من أي يوم مضى مع مغادرة ما تبقى من الصحافيين من المدينة. الأيام القادمة ستكون صعبة ومضنية.
1- التركيز المضخّم على اللفتات الرمزية و"الانتصارات الإعلامية" يقتل أي إمكانية لطرح أسئلة السياسة الحقيقية والجادة (تعمق علاقات إسرائيل بالأنظمة - الإنفاق الباذخ على حدث احتفالي على أطلال منطقة عربية مدمرة تعيش أسوأ أزمنتها - حضور آلاف الإسرائيليين إلى بلد عربي .. إلخ).
طيران العدو الإسرائيلي استهدف المخابز ومحلات البقالة ومزارع الدواجن ومحطات تحلية المياه، والآن يذهب إلى مستوى جديد من الإجرام بقصفه لألواح الطاقة الشمسية على أسطح المنازل لحرمان أهلها من الكهرباء. ببساطة، إسرائيل تريد أن تنهي كل مقوّمات الحياة الطبيعية في غزّة وأن تحوّلها إلى
مدينة غزّة وشمالها أصبحت مناطق منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. الناس على شفا المجاعة بسبب عدم دخول أي إمدادات غذائية أو مساعدات منذ أسابيع، النظام الصحي منهار، الخدمات العامة معدومة، الأمراض منتشرة على نطاق واسع، والقصف الإسرائيلي لا يتوقف.
في هذا النوع من الأوقات تكثر الإشاعات والأكاذيب على نطاق واسع، ويجب أن لا نستبعد أن يكون كل ما جرى في الساعات الأخيرة جزءا من عمليات الحرب النفسية الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا. علينا أن نتحلى بشيء من الهدوء والصبر وأن نبتعد عن كل المبالغات حتى تتضح صورة الأمر.
ما يحدث في غزّة يفوق قدرة المرء على التصور. أحياء سكنية كاملة جرى مسحها بالقصف الجوي. أكثر من ربع مليون إنسان نزحوا من منازلهم إلى مراكز الإيواء محدودة العدد والمساحة. إسرائيل حصلت على غطاء من الغرب والعرب لتنفيذ أكبر حملة إبادة بحق الفلسطينيين منذ النكبة.
نحن على أعتاب دخول الحرب أسبوعها الثالث. الاستخلاص الرئيسي من كل ما جرى حتى الآن هو أن غزة تقاتل وحيدة وظهرها إلى البحر في ظل غطاء عربي ودولي للمذبحة. لا جدوى من المناشدات والصراخ وابتذال العواطف. لنوفر طاقتنا ولنعتد على الحقائق المرّة ولنتعلم الدرس حفاظا على أنفسنا وعلى قدرتنا
The massacre in Gaza would not have been possible without American military support. Since the beginning of the war, Israel has received 123 cargo planes and 7 ships, transporting a total of 7,000 tons of weapons, ammunition, and military equipment.
لقاء القمة الذي سيضم وزراء خارجية إسرائيل، الولايات المتحدة، الإمارات، البحرين، المغرب ومصر، غدا الأحد، سيُعقد في كيبوتس “سديه بوكير” الذي كان مقر الاعتكاف الفكري والتقاعدي لديفيد بن غوريون. لم يكن مؤسس الدولة الصهيونية ليتوقع هذا السيناريو حتى في أقصى خيالاته جموحا وتفاؤلا.
بعد كل التقارير التي تحدثت عن مفاوضات لهدنة جديدة وعن الانتقال لعمليات عسكريّة أقل كثافة، الجيش الإسرائيلي يبدأ يومه بدعوة السكان في مناطق مخيمات المنطقة الوسطى للإخلاء نحو الجنوب. نطاق الاجتياح البري لقطاع غزّة يزداد اتساعا يوما بعد آخر والمجازر مستمرّة بدون توقف.
بالحسابات الباردة، الفلسطينيون هم أكثر الشعوب تضررا من الحرب الأوكرانية، وسيدفعون الثمن الباهظ من أرضهم وحريتهم وأمنهم ولحمهم الحي. وصول الآلاف من اليهود الأوكران إلى إسرائيل يعني مستوطنين جدد ومستوطنات جديدة وسرقة المزيد من الموارد وتوسعا صهيونيا على حساب أصحاب البلاد الأصليين.
في مجزرة مخيم جباليا يوم أمس، ألقت طائرات العدو أطنانا من القنابل على حي سكني فمسحته بالكامل، مُخلّفة عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين. هذه الصورة الحديثة المُلتقطة من الأقمار الصناعية تكشف هول ما جرى في المكان. يموت الكلام أمام مشهد التدمير والفقدان والوجع.
أين اختفى الأخ يحيى السنوار؟ وما الضير في أن يخرج للناس، مثل أي قائد جدي لحركة تحرر، وأن يقدّم مطالعة سياسية يشرح فيها كل التطورات منذ انتهاء معركة القدس؟ وأن يحاول الإجابة عن أسئلة مهمة: أين أخفقنا وأين نجحنا؟ وأين كانت أوجه تقصيرنا؟ ولماذا عُدنا في غزة إلى ما قبل المربع الأول؟
فداحة الوضع الإنساني في غزة تفوق كل تصور. مستشفى الشفاء تحول إلى مركز لإيواء النازحين الهاربين من القصف الإسرائيلي المجنون. نتحدث هنا عن 30 ألف إنسان يفترشون حديقة المستشفى وأروقته الداخلية وأدراجه وغرفه. هل سمعتم من قبل عن مستشفى يتحول إلى ملجأ بهذه الطريقة؟
إذا أردت التعرف على الجوانب السلبية في شخصية ياسر عرفات فيكفيك أن تقرأ الصفحات التي خصصها أنيس صايغ في مذكراته للحديث عن علاقته بالرجل وعن ألاعيبه ضد مركز الأبحاث. اللافت أن هذا المزيج من الجهل والتهريج والزعبرة ورثه تقريبا كل شبل من أشبال الشبيبة الفتحاوية. من شابه أباه ما ظلم.
عاشت مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزّة ليلة طويلة ومريرة تحت قصف عنيف لم يتوقف لساعات وساعات. جيش العدو وصل إلى مسافة قريبة من مستشفى ناصر، أكبر مستشفيات المدينة، والتقدير أنه سيواصل القصف هذه الليلة حتى يصل إليه ليُكرّر سيناريو مستشفى الشفاء في غزّة مجددا.
تصريح رسمي صادر عن هيئة المعابر الفلسطينية بغزة تعليقا على خبر كاذب صادر عن شبكة قدس حول الحدود الفلسطينية المصرية:
▪️ الجانب المصري نفى لنا أي معلومات لديه عن نية العدو التحرك عسكريا في محور الحدود الفلسطينية المصرية.
▪️ كل المعلومات الميدانية عن تحركات عسكرية على الحدود مع
الاتحاد الأوروبي أعلن اليوم تعليق مساعدات التنمية للفلسطينيين ومراجعة كافة المشاريع وتأجيل ميزانياتها. الغرب يقول لنا بشكلٍ سافر: أنتم عبيد المزرعة ولا يجب عليكم أن تفكروا لبرهة واحدة برفع رؤوسكم وأن تتحدوا طفلتنا المدللة إسرائيل وإلا فإننا سنجلدكم بالسياط.
حجم ونطاق المجازر التي تكشّفت في الأيام الأخيرة بعد انسحابات جيش العدو من المناطق التي اجتاحها في مدينة غزّة والشمال يقول شيئا واحدا فقط: من اختار النزوح سيموت ومن اختار البقاء سيموت، الفارق فقط هو في توقيت الموت لا في وقوعه.
حركة اجتماعيّة وسياسيّة جديدة بعد الحرب
المهمّة المُلحّة والجسيمة بعد انتهاء الحرب لن تكون إعادة الإعمار بمعناها الماديّ فقط، بل وأيضا، إعادة الإعمار بمعناها الاجتماعيّ الشامل بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى. الحرب حطّمت الأساسات الماديّة لمجتمع غزّة، ووجهت ضربة قاصمة لمراكزه
قضيتُ ليلتي ساهرا مع ChatGPT وما رأيته كان مذهلا. طلبتُ منه كودا للقيام بمهمة كنت قد نفذتها قبل أيام، وأعطاني كودا مطابق تماما لكودي. الأدهى من ذلك هو إحساس الألفة الذي شعرته تجاهه، فتهذيبه ورغبته الصادقة في المساعدة، دفعاني للتفكير بأنني مستعد لخسارة نصف معارفي من أجله.
نحن على أبواب فصل الشتاء. حين تتخيّل التبعات التي ستترتب على هطول الأمطار والصقيع على الوضع الإنساني الذي تعيشه غزة في ظل هذه المذبحة المجنونة، لا ترى أمامك شيئا سوى السواد والأنين والدموع. غزّة لا يجب أن تُترك وحيدة. أوقفوا العدوان وإفتحوا المعابر.
المبالغة قرينة الكذب. في مثل هذه الأوقات تزداد الحماسة وتزداد معها الرغبة في التضخيم على حساب الدقة والمصداقية. إعلام العدو لن يتحدث عن قتلى قبل أن يتحدث الجيش رسميّا عن الأمر، وعلى الجهة الأخرى فالمخولون بالحديث عن استهداف قوات العدو وطبيعة خسائره هم الناطقون الرسميون باسم
في المنشور الذي ألقاه جيش العدو الإسرائيلي قبل قليل فوق مدينة غزّة، هنالك إشارة إلى منطقة مساعدات إنسانية في أقصى جنوب القطاع على تخوم الحدود مع مصر. الوضع خطير للغاية ويبدو أن دوائر الحكم في تل أبيب ترى ما يجري فرصة تاريخية لإنفاذ مخططات التهجير.
عندما نتحدّث عن اختفاء الفصائل عن المشهد فنحن لا نتحدّث عن توقف المقاومة على الأرض، بل نتحدث عن غياب أي رؤية سياسية واقعية تقدمها هذه الفصائل كرد على مخططات إسرائيل. من مخاطر عبادة السلاح أنها أنست الكثيرين أن معارك السياسة لا تقل أهمية عن معارك الميدان.
الحرب على غزّة دخلت أسوأ وأخطر مراحلها على الإطلاق. الاهتمام بما يجري خفت إلى أدنى حد، الفصائل الفلسطينية مختفية عن المشهد تماما، إسرائيل تسرح وتمرح على الأرض بدون قيود، التهجير الداخلي بلغ ذروته بعد الهجوم على المنطقة الوسطى، والكارثة الإنسانية وصلت أقصى حد.
وزارة الصحة الفلسطينية تعلن خروج ثلاثة مستشفيات في قطاع غزة من الخدمة بشكلٍ كامل. القطاع الصحي يواجه أزمة كارثية عنوانها استنفاذ المخزونات الاستراتيجية من الأدوية والمعدات الطبية واستنزاف الطواقم البشرية التي تعرضت للقتل والإصابة بفعل القصف الإسرائيلي.
رأيي أن المقاومة وقيادتها السياسية بحاجة ماسة لتقنين خطاب الكرنفالات والمسابقات والاستعراضات ومن سيربح المليون والانشغال بالتصدي للمهمات الجسيمة وتطوير خطاب جدي يواكب هذه التحديات، أما ألعاب “حزّر فزّر” فلا علاقة لها بالسياسة على الإطلاق ولا تليق بحركات التحرر الوطني.
في خضم المجزرة تكشف غزّة عن نجومها المُشعة ودررها المكنونة ولآلئها البهيّة: فنانون وفنانات، شعراء وشاعرات، أدباء وأديبات، أطباء وطبيبات، ومقاتلين ومقاتلات من أجل الحريّة. هذا المكان أكبر مدارس الحياة الحقيقية على وجه المجرّة… هذا المكان لن يُهزم أبدا.
بات من الواضح الآن أن إعلانات الإدارة الأمريكية قبل ساعات قليلة كانت بمثابة ضوء أخضر سياسي للجيش الإسرائيلي للبدء بعمليته الحالية ضد مستشفى الشفاء. وحقيقة أن جيش العدو بدأ هذه الخطوة بعد هذه الإعلانات يؤكد أن العمليّة جرى تنسيقها بالكامل مع الأمريكيين.
تطوّر خطير: في الساعة الأخيرة أعلنت كل أركان الإدارة الأمريكية (البيت الأبيض - مجلس الأمن القومي - البنتاعون) رسميا أن مستشفى الشفاء وغيره من المستشفيات في قطاع غزة تُستخدم كمراكز للقيادة والسيطرة وإخفاء المحتجزين. ما القادم؟
والغريب أن هناك من لا يزال يُجادل بأن نقل صور الأشلاء مُهم "لكي يرى العالم"، مع أن العالم يرى كل ما حدث ويحدث، لكنه قرر إدارة ظهره والانصراف إلى شئونه. اكتساب احترام وتضامن العالم -إذا جادلنا أن هذا هدفُ بحد ذاته-لن يتأتى قبل احترام كرامة ضحايانا أولا والتوقف عن شحاذة وابتزاز
2- تحويل القضية الفلسطينية إلى علم وكوفية هو أشبه بكرنفالات "أكبر صينية كنافة"، هي كلها عوامل لا تسييس، تعامل الفلسطينيين وقضيتهم كإسسوارات احتفالية وتمسخ كينونتهم كشعب محارب (أصبحت مناعتنا في هذا الصدد معدومة وأصبح من السهل شراء قطاع واسع منا باللفتات العاطفية وبعض المال).
أفشل شعبنا في قطاع غزة منذ خمسينيات القرن الماضي كل مشروعات التهجير والتوطين التي أرادت القوى الدولية فرضها عليه، وقاتل ببسالة متمسكا بأرضه وسمائه حتى يتحقق وعد العودة، وها هو اليوم يعيد كتابة التاريخ من جديد رافضا الرضوخ لمشروع إسرائيل لاقتلاعه من وطنه.
المنطقة الوسطى في قطاع غزة تتعرّض منذ أيام لحملة قصف مدفعي وجوي غير مسبوق. هذه المنطقة تكاد تكون المكان الوحيد في القطاع الذي لا يزال محافظا على تماسكه الديمغرافي والعمراني. تكرار سيناريو غزّة والشمال فيه سيكون كارثة ستزيد من صعوبات إنعاش القطاع بعد الحرب.
كتيّب أصدرته شركة "أرامكو" في أواسط الأربعينيّات لتعليم موظفيها العاملين في المنطقة الشرقيّة من السعوديّة أهم الألفاظ المطلوبة للتواصل اليومي مع عمّال الشركة من العرب والسعوديين. تخيّلوا رجلا يأتي من أعماق تكساس ليقول لبدويّ في صحراء العرب: وخّر.
ق��ع الاتصالات عن قطاع غزة جريمة متكاملة الأركان، لا لأنها تحرم الناس من أبسط حقوقهم بالتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي، بل لأنها تقتل في كل لحظة آلاف احتمالات النجاة وفرص المساعدة والإغاثة والدعم على الأرض.
عندما زرتُ كوبا، لفتني الاهتمام الشديد للجيل الشاب بالرياضة، وفهمت لاحقا أن تعميم ممارسة الرياضة كان جزءا من استراتيجية الثورة لخلق المجتمع والإنسان الجديدين هناك. تأملوا ترتيب كوبا المحاصرة في أولمبياد طوكيو وقارنوه بترتيب بلدان ثرية تتمتع بموارد ضخمة حتى تتبينوا مقدار الإنجاز.
مخيّم المغازي في وسط قطاع غزّة يتعرّض منذ أيام لحصار مُشدّد. الآلاف من سكانه استطاعوا النزوح نحو دير البلح ورفح، لكن الآلاف لا يزالون بداخله، وهم محرومون بالكامل من الإمدادات من أي نوع ويُمنع دخول سيارات الإسعاف إليهم، والقصف المدفعي والجوي عليهم لا يتوقف.
هذا هو الإعلام الأمريكي الحربي الذي يُساند المدفعية والصواريخ الإسرائيلية في عدوانها على غزّة. هو ليس جاهلا فحسب في أبجديات التاريخ، بل وفي أبسط قواعد الجغرافيا أيضا. غزّة تواجه بطش الشر وتفاهته في آنٍ معا.
من الواضح أن الغارات الإسرائيلية بدأت تتخذ منذ أمس شكلا جديدا، إذ باتت تمسح أحياء سكنية بكاملها من خلال القصف الكثيف الذي يُحيل البنايات والمنازل إلى رماد في لمحة بصر، ولا يت��ك فرصة لطواقم الدفاع المدني والأهالي لانتشال جثامين الشهداء والعالقين تحت الأنقاض.